بسم الله الرحمن الرحيم
كَمْ تَمَنَّيْنَا سِنِينَا أنْ نَكُونَ مُجَاهِدِينَ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله , أما بعد :
سورة آل عمران هي أول سورة من القرآن قرأتها بقلبي لا بلساني , وكان لها تأثير كبير على تغيير مسار حياتي كله من شاب لا علم له بشيء ولا طاقة لديه لمواجهة ما يدور حوله ; بعد أن خسر كل شيء ووجد نفسه معزولا عن الناس أجمعين ; الى شاب لا شيء يستطيع إيقافه وتغيير اتجاهه , فقد رَكَزَتْ هذه السورة في قلبي قبل عقلي وأودعتني طاقة لا أظن أن يجد يمثلها الا من قرأ هذه السورة وفهم معناها قبل أن يردد حروفها بفم أجوف لا تجاوز قراءته حنجرته . لذا كان لا بد أن يكون لي وقفة لأسَطِّرَ بعض الذي استخلصته منها وأودعكم إياه عسى أن يكون سامعٌ خيرٌ مِنْ مُبَلِّغْ .
لن أتكلم عن تفسير الآيات وأسباب النزول فذاك علم له أهله ولكن هذه الأسطر ستكون أقرب الى خاطرة جالت في الفكر فغيرته واستوطنت العقل فهذَّبَتْه واتخذت من الصدر بيتا خاليا فاستوطنته .
في هذه السورة الكثير من الآيات والعِبَر التي يجب أن ترسخ في أذهان شبابنا وفتياتنا وأمهاتنا , لأنه وللأسف الكل يريد الجنة وقليل هم العاملون , والكل يريد إقامة شرع الله وقلة هم لدمائهم الباذلون .
فمن منا لم يستمع لأخته أو أمه وهي تحاول منعه من فعل شيء بحجة أننا مستضعفون ؟!
ترى الفرحة في أعينهم إثر خبر عاجل عن عملية في قلب تل الربيع المحتلة
ولكن إن خرجت أنت حينها يكون الرد :
أضعت عمرك وشبابك , رحمةً بِنَا يا بني فلسنا ليهود قادرون وهؤلاء يدفعون بالصغار وهم على الكراسي جالسون .
إبقى هنا معنا وحين يجيء جيش محمد سيرون أنَّا صامدون . فللبيت رب يحميه .
مَنْ مِنَّا لم يسمع تلك الكلمات أو لم يحدث نفسه بها ؟!
المستقرئ لسورة آل عمران يجد ردا على كل تلك الشبهات والآفات يدفعك لتصدق حتما أنه لا مفر من الممات فإما أن تكون شهيدا في طريق النصر الذي هو آتٍ آت , أو أن تَظلَّ قاعِدا لِتَخْسَرَ أسمى المَكرماتْ.
فمن كان لديه شك أنه ميت لا محالة سيجد ردا من الله مزلزلاً لكيانه في هذه السورة , يقول تعالى { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّه كِتَابًا مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ }.
ففي كل الأحوال ستموت , ليس مهما أن يكون برصاصة أو حادث سير , فلا علاقة للرصاصة بقتلك وإنما انتهاء الأجل هو السبب الرئيسي للموت.
ولكنَّ الانسان كثير الجدال لا يقتنع هكذا , وهو ضعيف أمام شهوات نفسه , والشيطان يزين له أعماله ولن يترك بابا الا ويطرقه لكي يثنيك عن المضي قدما في ذلك الطريق , لا لشيء إلا لأنه يعلم ما هي النتيجة لهذه البداية وتلك النهاية . فيزين لك مرة تلو مرة بأن يهود أكثر منا عددا وعدَّة وأننا لا نملك شيئا , هنا تأتيك الآية التي تلي السابقة مباشرة فتسمع صوت ربك يقول لك :
{ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }.
ثم يدخل الوعظ والزجر مرحلة هي أكثر قوة وأكثر تأثيرا , ففي حين يزداد ضغط المحيطين بك ليجروك معهم في صفوف القاعدين , ويصبح صوتهم يتردد في أذنك ليلا ويعيده عليك إبليس بثوب الناصح الأمين " أنت وحدك , واقترابك من الجهاد محرقة لك ولأهلك ولن تقوى عليهم فهم أمة وجيش بأكلمه تسانده جيوش المنافقين , فابقى هنا وارفض بقلبك فإنك من المستصعفين " .
هنا يأتي ردٌّ يهزُّ الأعماق ويزلزل الوجدان فاسمعه بقلبك وارعه وعِهِ جيدا :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }.
هل سمعته جيدا ؟! أعده مرة أخرى , نعم أعده مرة أخرى لتجد ردا على كل تلك النصائح الإبليسية التي يلقيها عليك فتستمع لها وتقعد بسببها عن الجهاد .
أعده مرة أخرى واحفظه جيدا . أعده مرة أخرى لتجد أن الله سبحانه يخاطب المؤمنين ( يا أيها الذين آمنوا ) , يعني أنا وأنتَ وأنتِ وأنتم وأنتن ونحن جميعا , فهذا خطاب لنا حين نسمعه نعلم أننا نحن المخاطبون فنتشخَصُ أبْصَارُنَا لقول ربنا لنعلم ما الذي يريده الله منا سبحانه في هذا الخطاب الرباني العظيم ؟!
( لا تكونوا كالذين كفروا ) لحظة ! انتظر ! إنَّه تحذير لي ولكَ ولكِ .
تحذير من ماذا ؟ تحذير من أن نكون كالكافرين ونشابههم . نعوذ بالله أن نكون منهم , رباه سبحانك هذا خطب جلل وخطاب عظيم وتحذير ذو أهمية بالغة ( لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غُزَّى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ) . سبحان الله نفس النصائح التي كان يقليها عليك إبليس بثوب الناصح الأمين هي هي نفسها التي قدمها الكافرون لمن خرج مجاهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد .
إذا ماذا أفعل ؟! هنا قد علمت يقينا أن من يلقي عليك الكلام ليس بناصح ولا أمين لأن الله تعالى يقول وقوله الحق ( لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غُزَّى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ) فإياك أن تصدق مرة أخرى كلام ذاك الشيطان اللعين أكان شيطان جن أم شيطان إنس .
وإن صدقته واتبعته فإليك النتيجة يعطيك الله إياها في آية تتلى الى يوم الدين ( ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم ) نعم هذا الكلام حسرة في قلب كل من يقول أن الاقدام على الجهاد ينقص من العمر شيئا أو من يقول لو أنه لم يذهب لكان بيننا الآن حيا يرزق , لا والله كذبتم ورب الكعبة وما ذاك الا حسرة في قلوبكم لعدم يقينكم بأن الله يحيي ويميت ولعدم يقينكم بأن الله بما تعملون بصير , فذاك الشيطان وسوس لكم وزين لكم هذا القول فاتبعتموه وكان لكم حسرة وخسرانا مبينا وإن شئتم فاقرؤا قوله تعالى ( والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير ) .
ولكن الخطاب الإلهي لم ينتهي بعد , فما زال هناك تتمتة لهذا الخطاب الذي اختص به الله سبحانه عباده المؤمنين ليثبت قلوبهم وليربط عليها ويزيدهم يقينا أنهم على الطريق الصحيح , ويثبت قلب من بقي من بعدهم حتى لا يوسوس الشيطان لأحدهم أن ابنك لو لم يجاهد لكان الان معك منعما مكرما , استمع لما يقوله الله سبحانه لي ولك :
{ وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُون وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللَّه تُحْشَرُونَ }.
نعم أيها الحبيب , نعم أيتها الأم الصابرة , نعم أيتها الأخت التي فقدت أخاها أو زوجها , نعم هذا خطاب الله لمن فقد أحدا من أهله في درب الجهاد , يخاطبكم الله ويقول لكم ( ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ) كل دنياكم هذه لا تساوي شيئا أمام مغفرة الله ورحمته لهذا الشهيد , نعم , كل أموالكم وكل قصوركم وكل نساء الدنيا بجمالهن وزينتهن لا يساويين شسئا أمام مغفرة الله ورحمته لمن اختاره شهيدا .
ثم يحذر سبحانه مرة أخرى من أن يفر أحدنا من القتال في سبيله ويَخْلّدَ إلى الدنيا الغرور فيقول سبحانه ( لإلى الله تحشرون ) . فالأولى وعد بالمغفرة والرحمة لمن أقدم على الجهاد واختاره الله شهيدا أما الثانية فهي تهديد وزجر بأننا الى الله مرجعنا وهناك الحساب والجزاء الأوفى , فالفائز من نال الرحمة والمغفر والخاسر من خسر رحمة الله ومغفرته .
الكلام يطول ويطول ولا بد لنا وقفات أخرى طويلة مع سورة آل عمران ولن أطيل أكثر من ذلك ولكن أوجه كلمة لنفسي ولكل من يقرأ فأقول :
ألم يجذبك الشوق بعد الى رحمة الله ومغفرته ؟!
ألم تؤمن يقينا بعد أن حياتك خارج الجهاد لا تطول كما أن حياتك داخله لا تَقْصُر ؟!
ألم تصدقي بعد يا أماه ويا أختاه أن ابنك أو أخاك لن ينال عِزّاً مهما عاش بينكم إلا حين يختاره ربه سبحانه ليكون شهيدا ؟!
إلى متى سنهرب من موت الى موت ؟!
إلى متى سنهرب من ذُّلٍ الى ذل ؟!
الحديث متصل و ذو شجون , سأدعك الآن بين يدي هذه الكلمات وألتقيك في وقت آخر إن شاء الرحمن .
كم تمنينا سنيناً***أن نكون مجاهدينا
وعقدنا العزم أنَّا***فجرنا فجرٌ مبينا
فجرنا فجرٌ مبينا
وصرخنا الله أكبر***لن نكِلَّ ونستكينا
عزمُنا عزمَ الأُسود***ما بقينا وما حيينا
ما بقينا وما حيينا
قد زئرنا في غروزني***وصمدنا في دغستان
واتَّخذنا من تروبورا العرينا***واتَّخذنا من تروبورا العرينا
لنا مجدٌ في الفلبين***وفي بغداد الحزينا
والصومال لنا تنادي***مرحباً بالصالحينا
مرحباً بالصالحينا
أبشري كشمير جئنا***بالخميس مرجفينا
برجالٍ وحرابٍ***نذهل الغظ الرعينا
نذهل الغظ الرعينا
في سراييفو رجالٌ***دحروا الظلم المهينا
وسبوا أجناد قومٍ***ظالمين ومجرمينا
ظالمين ومجرمينا
كم تهاوت من حصونٍ***يوم سرنا غاضبينا
نبتغي النصر المؤزر***للمدآئن فاتحينا
للمدآئن فاتحينا
للمدآئن فاتحينا
كبروا الله أكبر***في المآذن معتلينا
وابحروا في بحر لجٍ***مؤمنين وصامدينا
مؤمنين وصامدينا
لا تقروا الذل فينا***مهما قالوا شانئينا
قد شربنا المجد كأساً***من أيادي الطامحينا
من أيادي الطامحينا
يا فلسطين فداكِ***كلنا والعالمينا
أنتِ نورٌ أنتِ شمس***أنتِ مهد الخالدينا
أنتِ مهد الخالدينا
قد تعاهدنا جهاراً***وخفوتاً ومراراً
أن نحيك النصر يوماً***في بلاد المسلمينا
في بلاد المسلمينا
يا شباب المسلمينا***بلا شكٍ يعترينا
أنتموا للسيفِ أهل***في وجوهِ الكافرينا
في وجوهِ الكافرينا
في وجــــــــــــــوهِ الكــــافــريــــــــنــــا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.