الاثنين، 19 أغسطس 2019

يبدو أنني سأحبُّ أنثى





يبدو أنني سأحبُّ أنثى
بيني وبين مرحلة جديدة توقيع واحد , وساعات تفصلني عن بداية لا أريد لها النهاية , مشاعر لا أعلم ما هي ولا أدري من أين جاءت فأنا لم أشعر يوما بشيء هكذا.
إنني فصيح جدا وأجيد العربية منذ وقت طويل فاقَ الربعَ قرنٍ لكنني لا أجد حرفا واحد يسعفني في وصف أمري.
لقد عِشتُ حياتي هاربا من كل شيء , من أي مشاعر , من أي ارتباط , من أي علاقة , ومن كل شيء. لكنني أجد نفسي الآن مسرعا حثيثا نحو مسؤولية أنا فَرِحٌ بها.
منذ اليوم الأول رأيت فيها شيئا كان بالنسبة لي فارقا , فقد كان معيارا للاختيار.
في ذلك اليوم جاءت تمشي على استحياء بثقة, فَبَانَ منها ما أخفته , وظَهَرَ ما جَهِلَتهُ, فجعلت من الأمر يُسراً ميسورا. تنفستُ الصعداء هنيهة ثم أفقت.
حاوَلَتْ أن تجلس بقدمٍ فوق قدم فارتبكت فأعادت جلستها مرة أخرى محاولة لملمة بعثرتها التي أثارها الحياء.
لم تكن خجولة لكنها كانت حيية  وقد كان ذاك هو المِفصَلْ. فهي بهذا قد حازت كل شيء.
وها انا الآن على بُعدِ ساعات من ولاية أمرها , لِأصبحَ زوجها.
لقد حلمت كثيرا بهذا اليوم لكنني لم أتخيل يوما أن يكون هكذا , لقد كان جميلا جدا كنقاء روح آمنت بربها ولم تعصِهِ أبدا.
أريد منها أن تكون زوجة وحبيبة وعشيقة وإنسانة وكل شيء.
أريد منها أن تحترم لي مكانتي وكينونتي وكلمتي وقراري كزوج لها لا أن تكون من ذوات ما يسمى ( بالجندر ) .
أنا لا أريد أن أتحكم بها قسرا , بل أريد أن أكون معها زوجا محبا وفي قلبها سيدا مطاعا , وأن تكون عندي مقدسة مصانة محفوظة في أمن وأمان.


هاتي القيودَ وهيا قيدني
ولا تسترسلي هذي يميني
وشُدِّي بالسلاسل قَيدَ عُنُقي
وقولي أنتَ لي ملكُ اليمينِ
أيا من قد نوت فكَ القيودِ
بربكِ لا تفكيها , دعيني
فإنِّي ما نويت الهجرَ يوما
ولا يوما رددت مودعيني
ولا يوما نظرتُ إلى مُوُلٍّ
ولا حتى بكيت على حنينِ
ولكني لفرط الهولِ أبكي
وإني اليوم دمعي كالمعينِ
تركتُ الناسَ خلفي في دبورٍ
وجئتُ اليومَ أرجو تسمعيني
فيا من قد دنتْ مني دُنُّواً
كظِلِ الشمس أدنى من جفوني
هاتي القيود وهيا قيديني
ولا تسترسلي هذي يميني.


الأحد، 16 ديسمبر 2018

فصل منقوص وحالة فوضى




بسم الله الرحمن الرحيم

شعرت اليوم بحنين إلى قلمي , لقد فارقته منذ زمن طويل وقد عزمت ألا أعود إليه , لكنني أشتاق كطفل ضاع بين الزحام فرحا بلعبته فلما التفت لم يجد أمه.

لقد كانت الكتابة دوما ملجئي في ضعفي وقوتي وعزمي وحتى في أحلك الساعات, أجد فيها مُتنفسا لأخرج عقيدتي التي ممنوع أنا من البوح بها صراحة أمام العالمين , وأخفيها تلطفا بأمي وأخوتي .

لقد رسمت لوحة فنية في داخلي عما أريد , وصحوت فَزِعا مما أراه قادما من بعيد , يطوي المسافات الطوال كأنما برق ورعدٌ والسماء تزينت بالغيم معلنة أن " لن أكون " .

لست أدري بداية الحكاية ومستقرها , لكنها كانت هناك منذ الأزل البعيد. لم يأتي يوم إلا كانت الأمنية حاضرة واللسان يلهج والفكر يسبح ثم .... ثم أفيق على سكرةِ الدنيا بأني " لن أكون ".

هي حاصرتني وقيدتني وأربكتني حتى دنوت من السكون بل قد دنوت من الهلاك , نسيت يوما أنني ما خلقت لأعيش في كنف الهناء مُنَعَّمَاً.

صرنا نطارد قُوْتَنا أو هو يطاردنا لست أدري لكننا كالعبيد نحيا ونموت.

أظنُّ أن الصمت أبلغ فعلى أي حال لن يفهم الكلمات من لم يفهم المضمون. عقيدة مدفونة وحلمٌ بعيد.
يا رب طهر مهجتي وأجعلني كما تحب وترضى واستخدمني فيما تحب وترضى وإن كنت مقصرا عاصيا , فليس لي إله سواك لأدعوه ولا ربَّ إلاكَ فأرجوه.



السبت، 19 مارس 2016

ففروا إلى الله


بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهدهِ الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له , ربي اشرح لي صدر ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي .

أما بعد :

يقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : ﴿  ففروا إلى الله إنني لكم منه نذير مبين 
سبحان الله ما أعظمها من آية , وما أعظمه من نذير , وما أعظمه من بيان , وما أجَّلَهُ وأعظَمَهُ من إله .
سبحان الله من جَعَل الفرار منه إليه نجاة . فَكُلُ من خافَ من أحدٍ يفرُّ منه هاربا إلا من خاف من الله فإنه يفرُّ إليه راغبا وطامعا وسائلا ومناجيا ومنتحبا وباكيا وشاكيا حتى يُجاب .

وليس هنا المنتهى يا عبد الله ... لا .. توقف وانتظر وأعد الآية من جديد
أعدتها ؟!
حسنا اقرأها كاملة مع ما قبلها وما بعدها بشغف وتدبر وخشوع .
يقول جلَّ في علاه في سورة الذاريات من الاية 47 وحتى الاية 58 :

﴿ وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ 
وَالأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ
وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ
أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ
وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ
مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ
إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ 

قرأتها بدتبر .. هل رأيت أو لمحت معانيها ..
حسنا أكمل واقرأ هذه الايات أيضا بتدبر وخشوع :
﴿الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم   
﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾ 
﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴾ 
﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ 
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ 
﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً ﴾ 
﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ﴾

الله أكبر .. الله أكبر ... الله أكبر يا أخي الله أكبر يا أخيه الله أكبر يا بني الله أكبر يا بنيه
ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم ؟! ...
يريد الله أن يتوب عليكم ؟! ...
هل سمعت جيدا ؟! من الذي يريد أن يتوب عليك يا عبد الله ؟!
الله جلَّ في علاه الغني القوي الجبار المتكبر ... هو من يريد أن يتوب عليك ويرحمك .. ويدعوك لتفر إليه .. ويَعِدُكَ بالمغفرة ... وليس هذا فقط بل وربي إن السيئات تنقبل الى حسنات .. فاسمع لقوله تعالى (إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات
.
.
يا من أحرق البُعدُ كَبِدَك .. والله ما هي الا خطوة تخطوها لله تفر اليه مما أنت فيه .. فيقبلك ويعدك الى ما كنت عليه وأفضل .
يا عبد الله إن الناس اذا علمت من أحد شيئا عايرته به طول عمره .. ولكن الله يعلم ما يفعله العبد ويراه ومع ذلك يستره ويدعوه للتوبة والمغفرة .. واذا تاب وعاد اليه قبله ..

وها هو عبد من عباد الله اطاع الله أربعين عاماً وعصاه أربعين فنظر إلى وجهه في المرآة وقد كبرت سنة وشاب شعر رأسه فقال : يا رب اطعتك اربعين وعصيتك أربعين فهل إذا جئتك قبلتني فسمع منادياً يقول له :
أطعتنا فقرّبناك 
وعصيتنا فأمهلناك 
وإن رجعت إلينا قبلناك

فاطوي صفحة الماضي وليهبه وابدأ صِحافا لا تَشُبها المآثم
وسر الى ربك وابكِ على بابه فوالله ما طرق باب المولى أحد الا وفتح الله له .
فاستعن بالله ولا تيأس .


السبت، 12 ديسمبر 2015

المَجْدُ الوَهمِي



المَجْدُ الوَهمِي
لستُ أدري كَيفَ أخُطُّ ما أريدُ كتابتهُ اليوم , فَقَدْ بَاتت الأحدَاثُ تتسارع , والأيام تمضي ولم يَعُدْ في القَلبِ مُتَسَع .
فَرقٌ كَبيرٌ يَا صَغِيرَتِي بين الوَاقِع والحُلُمْ , هو خَيطٌ رَفِيع , بَاهِتُ اللون , حتى يكادُ الناظرُ إليهِ من شِدةِ خَفائِهِ لا يَراه .
لسْتُ أدري هل حَقاً نَحنُ نَفْصِلُ بينهما ونسعى جاهدين للعمل وِفقَ الواقِعِ أم أننا نَنغَمِسُ في الحُلُمِ فَقَطْ ؟! لا أعلَم إن كان هناكَ بَقيَّةٌ مِنْ عَقلٍ أم أنَّهُ أصْبَحَ يَسِيرُ وِفْقَ وَسائِلِ التواصُل الحديثةِ فقط ؟!

 لقد كرهت وجودي في عالم الآسك كله , فما أن أضع إعجابا لإجابة حتى تنهال عليَّ التُهم وكأنني قَبَّلتُ صاحِبَةَ الكَلام , ويَا وَيلي إذا أجبت بضحكة أو مُزحَةٍ فعندَهَا يُفْتَحُ باب لا مجال لإغلاقه من سيل الأسئلة الشخصية أو الاتهام أو الشتم والسب والقذف .

بإمكانِكَ أن تُفَسِّرَ كَلَامِي عَلى أنَّهُ نابِعٌ عن حادثَةٍ شَخْصِيَّةٍ عِشْتُهَا أنا , وبإمكانِك أن تراه على أنه مُجَرَدُ واقعٍ اطَّلَعتُ عَليهِ وأحاول صيَاغَتَهُ بِإسْلُوبٍ أدَبِّيٍ بَحْتٍ , لا علاقَةَ لَهُ بِهَل كَلامي شخصيٌ أم أنَّهُ مُجَرَدُ قِراءةٍ أدبيةٍ للواقع الذي نَحيَاهُ هُنَا في وَسَائِلِ التَواصُل الاجْتِماعيّ . وَبِكُلِّ الأحْوال , صَدِّقني لم يَعُد يَعنيني كَيفَ يَقرأ الآخرون الكَلِماتْ , فوَحدَهُ مَن يَعرِف المقصُودَ مِنَ الكَلِمَةِ هو كَاتِبُهَا , وأمَّا التَفسِير , فَكُلٌّ يُفَسِّرُ وِفْقَ مُرادِهِ وَهَواه . لِذَا سَأكْتُبُ كأبٍّ يُحاوِرُ ابْنَتَهْ , وصديقٍ يُحاوِرُ صَدِيقَهُ , مَعْ عِلمِي وَيَقِيني أَّنَّهُ حِوارٌ نَفْتَقِدُهُ فِي مَنَازِلِنَا وَواقِعِنَا.
يَا صَغِيرَتِي أعلَمُ أنَّكِ تَحتَاجِينَ الحنَانَ وَتَطْلُبِيهِ وَتَبْحَثِينَ عَنْه , ولا عَيبَ ولا نَقْصَ فِي ذَلِك . إنَّمَا العَيبُ أن نَبْحَثَ عَنِ الشَيْ الصَوَاب في المَكَانِ الخَطأ .
يَا صَغيرَتِي إنَّ هذه الأماكن المُسمَاةِ بِالفَضَاءِ الاجْتِمَاعِي كَان المُرَادُ مِنْهَا إيْصَالُ كَلِمَةٍ للآخَرين , وملاذ حين يُداهِمُنَا المَلل , لَكِنَّها أصبَحَتْ حَياةً تَحِلُّ مَكانَ الحياةِ الحقيقِية . فأصْبَحنَا نَستَمتِعُ بها حتى ونحن على يَقينٌ أنَّهَا تَقتُلُنَا وأنَّ فِيهَا ألفُ قِناعٍ وقِنَاع , ولِذا لَنْ أحَدِّثَكِ اليومَ كَقطرَةِ غَيث بَل سأخْبِرُكِ مَن أنا , فإنَّ التَخَفي وَراء اسمٍ آخر وإن كانَ لَهُ أسْبَابُهُ إلا أنَّها لَم تَعُد مَوجُودةً الآن .
يَا صَغِيرَتِي لَقَدْ أصبَحْنَا ذَوو مَشَاعِرٍ إلكْترونِيَة !! فأصْبَحَ الـــ " لايك " عِبَاَرة عَنْ غَزَل !!! وأصْبَحَ التَعْلِيقْ أقْرَبُ لِتَزَلُّفٍ أو مَشْرُوعِ جَديِدٍ لِقَيسٍ وَليلى آخرَين!!! لَقَدْ عِشْنَا مَعَ الوَهْمِ والوَهْمُ عَاشَنَا يَا صَغِيرة . لأنَّنَا أحْبَبْنَا شَخْصِيَّةً رَسَمْنَاهَا مِنْ دُونِ البَحْثِ عَنْ حَقِيقَتِهَا أو النَظَرِ إلَيْهَا مِنْ زَاوِيَةِ الوَاقِع دُونَ الخَيَالْ .
يَا صَغِيرَتِي إنَّ الرِجَالَ فِي عَالَمِ الوَهمِ مُجَرَدُ مُدَّعِين , والنِّساءُ حَالِماتٍ سَابِحاتِ فِي عَالمٍ جَدِيد. كُلُنَا نَّدَعيِ أمُوراً لَكِنَّها مُجَرَدُ خَيَالٍ لا وَاقِعْ , حَتى تَعَلَقَ القَلبُ بِمَا لا يُمكِنُ لَهُ نَوَالَهُ ولا حَتَى يَقدِرُ عَلى نَقْلِهِ مِنْ عَالَمِ الوَهمِ إلى عَالَمِ الحَقِيقة أبدا.
أعْلَمُ يَا صَغِيرَتِي كَمْ تُعَانِينَ مِنْ تَعَلُّقٍ كَهَذا , وَلَكِنَّ المُعَانَاةَ هَذِهِ لَنْ تَتَوَقَفْ إلا باتِخَاذِ قَرَاراتٍ مَصِيريةً ومَواقِفَ مِفْصَلِيَّة . أوَّلُهَا أنْ تُوقِنِي بأهَمِّيَةِ فَصلِ الوَاقِعِ عَنِ الوَهمْ وأهمِيَةِ إدراكِ ذاكَ الخَيطِ البَاهِتِ ورؤيَتِه. فإنَّ أي مَشاعِرٍ بِرَغْمِ صِدقِهَا وقوتِهَا مَا دَامَتْ الكتْرونِية فَهِي شَهادةُ وَفاةٍ مُبَكِرةٍ جِداً.
بِيَدِكِ أنْتِ فَقَطْ أن تَتْخِذِي قَراراً مَصِيرياً بِبِنَاءٍ جَدِيد وَحَيَاةٍ جَدِيدَةٍ ووَاَقِعٍ أفضَل أو الانْغِمَاسْ فِي الفَضَاءِ الاجْتِمَاعِي ذُو المَجْدِ الوَهمِي أكْثَرَ وأكْثَرْ. لَنْ تَجِدِي دَوَاءاً مِثْلَ دَوَاءِ أخْذِ قَرارٍ والثَبَاتِ عَليهِ مَهْمَا كَلَّفَ الأمر . وَلَنْ تَجِدِي مَنْ يُقَدِمْ حُلُولاً سِحريَّةً للتَغْيِير , فَلو كانَ التَغييِرُ سَهلاً لأصْبَحَ النَائمُونَ قَلِيلي العَزمِ قَادَةَ العَالَم .

سلامٌ عليكِ يا ابنتي فإنَّ أمامَك أيامٌ العُزلَةُ فيها على رأسِ جَبَلٍ خيرٌ من ألفِ ألفِ متابع وصديقْ.

قطرة غيث
السبت الأول من ربيع الأول لعام 1437 هــ
الثاني عشر من ديسمبر لعام 2015 م







الأربعاء، 9 سبتمبر 2015

خربشات بلا عنوان




" يقول روبرت فروست " يتكون نصف العالم من أناس لديهم ما يقولونه ولا يستطيعون، أما النصف الآخر فليس لديهم ما يقولونه ويعيدونه مرارا وتكرارا
 .حين أدقق في نفسي وأحاول معرفة من أي النصفين أنا , حقيقة لا أجد جوابا شافيا أو حتى على الأقل جوابا مستقرا على نصف ما 
فأحيانا يكون لدي ما أريد قوله والبوح به ولكن لا أستطيع , فكما أن الصمت قاتل إلا أن البوح فتَّاكٌ يا صديق . وأحيانا أخرى لا أملك ما أقوله أصلا ولكنني أتكلم وأتفوه بكلمات أي كلمات لا يهم   المهم أن أكسر حاجز الصمت وأن أخترق جدار الصوت وأن أطلق العنان للسان ليغترف مما في القلب ويطفو به على أسماع الآخرين 
لا تلمني يا صديق فأنا مثلك تربيت في هذا المجتمع الذي تربيت أنت فيه , وخدعت به كما خدعت أنت به , وكذبوا علينا حين علمونا أن للبلاد سطانا لا ينام لأجلها , وأن لنا جيشا يَهْلِكُ دوننا , وأن لنا مقعدا في الأمم المتحده , وآخر في جامعة الدول العربية .
نعم يا صديقي كذبوا , بل حتى أكون أكثر دقة و وصفا , هم لم يصدقوا ولا مرة واحدة , فحتى في صدقهم كان لهم مآرب أخرى . والمتكلم إن لم يصدق الا إن وافق الصدق هواه فهو كاذب لا محالة بل مخادع ومنافق أيضا .
كذبوا علينا حين قالوا أننا متدينين وملتزمين وما أن يدعو داع الجهاد سنهب هبة رجل واحد . ولكن داع الجهاد ينادي منذ أن أصبحت الأندلس اسبانيا ولم نهب إلا على أنفسنا .
 !! ( .وكذبنا نحن حين صدقنا أننا ناجون وأننا مسلمون نصلي ونصوم وكفى . ولم يعلمونا قوله صلى الله عليه وسلم لبشير بن الخصاصية رضي الله عنه (لا جهاد ولا صدقة فبما تدخل الجنة إذن 
ولم نكذب فقط بل استمتعنا بالكذب وأقنعنا أنفسنا أنه صواب وكل هذا لكي ننام في حضن زوجة وظل أبناء وفناء بيت .
بل وفرحنا وطرنا فرحا بأن خرج من بني جلدتنا من يقول أن الغناء حلال وأن فيه خلافا ولا انكار في مواضع الاجتهاد , فطربنا به وانتشينا أنغاما وتراقصنا سكارى على إيقاعاته .
أتعلم أننا حين تَعْرِضُ لنا مسألة ما وهي حرام ونحن نعلم أنها حرام ولكننا نريدها , نذهب لشيخ ونسأله فإن قال حرام تركنا قوله وذهبنا لغيره وهكذا حتى نجد من يقول هي حلال أو أنها مختلف فيها لكي نفعل ما نريد , فالعامي له حق التقليد وليس له اجتهاد !!! هكذا علمونا .
يا صديقي أنا لم أنم بعد منذ ثمانٍ وأربعين ساعة فأخرجت لك كلاما لا أعلم كيف ترتيبه ولا سياقه ولكن خرج من غِلٍّ وحقدٍّ أسكرا قلبي حد الثمالة فصار اللسان يغترف علقما ليطوف به على أسماع النائمين علَّهم يعلمون أننا نعلم أننا كاذبين ولكننا نستمتع بخداع أنفسنا .
يا صديق لا تلمني فإنِّي أرى الموت قد أطال السفر وأرى البغي قد انتشر وابن الزنيم قد فَجَرْ والحرُّ في دنيا العبيد يُحتَضَر واللسان قد انشطر والقلب قد انفطر والموت قاب قوسين ينتظر .
ولم أزل بعد لم أدر في أي النصفين أنا هل ممن لديه ما يقوله ولا يستطيع خوفا من الخطر ؟
أم ممن ليس لديهم قول معتبر ؟
.
.دعني أنَمْ يا صديق فقد أرهقتني سألتزم الصمت الآن وإن كان قاتلا إلا أن البوح فتَّاك.

إعادة هيكلة داروينيه




ربما لا تكفي السطور والكلمات للبوح أحيانا , فنختار الصمت يا صديق
هكذا هي حكايات الحياة تمر علينا لحظة بلحظة ومرة تتلوها مرة لتخبرنا بكم دناءتنا وكم أنانيتنا حين تركنا العنان لأنفسنا لتختار ما تريد دون النظر في العواقب والمزيد . لا ننظر في تلك اللحظات الى ما يصيب الآخر بل نهتم فقط بانفسنا وكأننا فعلا أناس من حديد . هو هكذا يا صديق فلا تغتر فما نحن الا حطام يدمر نفسه بنفسه 

أتعلم يا صديق , إن نظرية داروين كانت مخطئة ولكنها لو عُكِسَتْ لأصبحت واقعا حقيقيا , نعم لا تتعجب فإن الله خلق الانسان من طين فلا مجال لأن يكون أصل الانسان حيوان ... هذا مستحيل , ولكن بكل سهولة يمكن لهذا الانسان أن يتحول لحيوان .

لا أدري كيف غابت تلك عن داروين ولكن لا بأس فما هو الا كافر كاذب , لأن الواقع يكذبه . ولكن ما نشهده دوما حولنا يؤكد امكانية تحول الانسان الى حيوان بشرط واحد , أن يفكر في نفسه دون غيره فقط . فهذا هو بالضبط معنى الحيوانية .

أأخبرك شيئا ؟؟!
أراك تهز برأسك وتصغي بشكل جيد مما يعني أنك تريد المزيد .... حسنا سأخبرك شيئا .

من عادتي أنني حين يَدْلَهِّمُ المساء ويختلي كل حبيب بحبيبه يناجيه أذهب خلسة الى المطبخ فأحضر كوبا من القهوة ثم أسرق شيئا من الشوكلاه التي تخبئها اختي _ مع أنني لا أحب الشوكلاه ولكن شكلها بجانب كوب القهوة يفتح باب الفكر لدي _ ثم أغلق باب غرفتي لكي لا تراني أمي سَاهِراُ ليلا حتى لا يقع الصدام خوفا على الصحه ... ما أستغربه حقا هو الخوف على الصحة !!!

أرى أن استغرابك يزداد , تمهل يا صديق واستمع لسبب .

نعم أستغرب بحق الخوف على الصحة لأننا نخشى على صحة البدن ولكننا لا نهتم أبدا بفحص أنفسنا هل نحن لا نزال بشر أم أننا دخلنا طور التحول الى حيوانات ؟!
لن أعطي اجابة هنا لأنني لو أجبت لجزمت أن أكثر من ثلاث أرباع هذا العالم حيوانات ولكني لا أريد أن أخسر قرائي حتى لا يظنوا أنني أشتمهم ... يا الهي أرأيت ها أنا أيضا قد دخلت الطور ذاته !
نعم لا تنظر إليَّ هكذا ... ارجع الى السطر الأول اقرأه جيدا .
قرأته ؟! 
حسنا أرأيت كلمة ( أنانيتنا ) ؟! هي ذاتها ما استخدمته انا هنا حين بحثت عن جذب القراء لي وعدم خسارتهم . هي ذاتها ما استخدمته انا لكي أخفي عليهم أنه ربما يكون من ضمنهم من هو كذلك , خشية أن أخسره ...
أتدري .. ؟!
أخشى أن أكمل الحديث معك فأخسر المزيد من القراء , لذا سأكتفي بهذا وأدع اكتشاف ما نقوم به ونفعله يوميا لك أنت .
دمتم بخير يا صديق .

الثلاثاء، 3 مارس 2015

" رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني "


بسم الله الرحمن الرحيم

" رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني "

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله النبي الأمي الصادق الأمين أما بعد :
إن الله سبحانه وتعالى حين أنزل الكتاب أنزل فيه قصص وعِبَرٌ لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد , فقد ذكر سبحانه من أخبار الأمم السابقة وذكر من أخبار الأنبياء والصديقين بالقدر الذي يلزمنا نحن البشر لنستخلص منها العِبرَةَ ونسيرَ على نهجهم , بل وقد أنزل أيضا قصصا عن أقوام عصوا الرسل وكذبوا المرسلين فكان عاقبتهم أنهم في العذاب المهين . وما ذلك إلا لنقارن نحن بين الفريقين ونعلم أي الفريقين أحسن مقاما وأحسن نديا وأيهم نتبع وكيف الطريق والسبيل .



في كل مرة تقرأ فيها كتاب الله ستجد فيه شيء جديد لم تنتبه لم من قبل ولم تفطن له وكأن الله يزيل عن عينيك الغشاوة لترى مرة بعد مرة آثارا وأنعاما وعظات وعِبَر من قصص القرآن , وإن واحدة من هذه القصص قصة آل عمران فقد قال تعالى في سورة آل عمران " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم " , ما الذي فعله آل عمران لينزل الله سبحانه فيهم سورة باسمهم تتلى الى يوم الدين ويختارهم ليكونوا من المُصْطَفَيينَ الأخيار والمقربين الأبرار ويجعل من ذريتهم كلمته عيسى عليه السلام ؟؟!!


الإجابة تتلخص في آية واحدة من سورة آل عمران حيث قال تعالى حكاية عن امرأة عمران أم مريم عليهم السلام " رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم " , لقد كان هذا التكريم من الله سبحانه وتعالى لهذه العائلة لأنهم كانوا يحملون هَمَّ هذا الدين بل وينذرون له أبناءهم وفلذات أكبادهم من قبل أن يولدوا أصلا .


فها هي امرأة عمران تنذر ما في بطنها لله سبحانه ليكون عاملا وخادما لهذا الدين وقد كان في عادة اليهود أن الذكور فقط هم من يتم نذرهم لخدمة الدين وليس الإناث ولهذا حين علمت أن ما في بطنها أنثى وليس ذكرا قالت بحزن " فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى " .


نعم حزنت ليس لأنها لا تحب الأنثى ولا لأنها لم ترضى بقضاء الله سبحانه بل لأنها كانت تريد ذكرا ليكون خادما للدين وفقا للديانة والتعاليم في ذلك الوقت , ولكن الانسان لا يعلم أين الخير ولا يعلم ما الذي يخبئه الله سبحانه وتعالى له , فلم تكن تعلم أن في بطنها صِدِّيقَةٌ أم نبي ورسول هو من أولي العزم الخمسة الذين يحملون رسالة الله سبحانه لعباده الذين تاهوا وضلوا الطريق ليعيدهم مرة أخرى بإذن الله الى عبادة الله وحده لا شريك .


هكذا كانوا وهذه هي سيرتهم بين أيدينا ينذرون أبناءهم وفلذات أكبادهم ليكونوا عونا وحصنا وخدما لهذا الدين , يربونهم على ذلك بل يخططون لهذا من قبل أن تلدهم الأم ومن قبل أن تحمَلَ بهم , فهي تعلم يقينا أنهم لله سبحانه وأنهم أمانة عندها سيأخذها يوما ما وتعود إليه وهناك الملتقى وهناك الجزاء الأوفى .



نعم من الصعب عليكِ يا أمي أن تستيقيظي فلا تجدي ابنك أو ابنتك أمامك وبجانبك ولكن دعينا نكون واضحيين وصريحين , أليس آخر العمر موت ؟! أليس آخره فراق ؟! أليس هذا الدين هو أحب إلينا من أنفسنا ؟! ألسنا ورثة الأمانة والواجب علينا أن نبلغها ؟! فما الذي نفعله نحن ؟!

أماه في الدنيا أربعة مقرونة بأربعة . اجتماع يتبعه فرقة وشباب يتبعه شيب وفرح يتبعه نكد وهم وغم وحياة يتبعها موت , فلا نجاة لأحد من هذه الأزواج الأربعة أبدا مهما كان وأياً كان . أما في الآخرة فخذ أربعا ودع أربعه , خذ حياة بلا موت , وخذ شبابا بلا هرم , وخذ فرحا بلا نكد وغم , وخذ اجتماع أحبة لا يتفرقون أبدا .

فالأمر أيها الحبيب بيديك فاختر ما تشاء أربعة مقرونة بأربع أم أربعة بلا نقيض لها ؟!
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعلنا ممن اختارهم لنصرة هذا الدين شهداء عنده في عليين .


" رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني "

قطرة غيث

الثلاثاء 12 جمادى الأول 1436 هـ 
الموافق الثالث من آذار 2015 م