الأربعاء، 9 سبتمبر 2015

خربشات بلا عنوان




" يقول روبرت فروست " يتكون نصف العالم من أناس لديهم ما يقولونه ولا يستطيعون، أما النصف الآخر فليس لديهم ما يقولونه ويعيدونه مرارا وتكرارا
 .حين أدقق في نفسي وأحاول معرفة من أي النصفين أنا , حقيقة لا أجد جوابا شافيا أو حتى على الأقل جوابا مستقرا على نصف ما 
فأحيانا يكون لدي ما أريد قوله والبوح به ولكن لا أستطيع , فكما أن الصمت قاتل إلا أن البوح فتَّاكٌ يا صديق . وأحيانا أخرى لا أملك ما أقوله أصلا ولكنني أتكلم وأتفوه بكلمات أي كلمات لا يهم   المهم أن أكسر حاجز الصمت وأن أخترق جدار الصوت وأن أطلق العنان للسان ليغترف مما في القلب ويطفو به على أسماع الآخرين 
لا تلمني يا صديق فأنا مثلك تربيت في هذا المجتمع الذي تربيت أنت فيه , وخدعت به كما خدعت أنت به , وكذبوا علينا حين علمونا أن للبلاد سطانا لا ينام لأجلها , وأن لنا جيشا يَهْلِكُ دوننا , وأن لنا مقعدا في الأمم المتحده , وآخر في جامعة الدول العربية .
نعم يا صديقي كذبوا , بل حتى أكون أكثر دقة و وصفا , هم لم يصدقوا ولا مرة واحدة , فحتى في صدقهم كان لهم مآرب أخرى . والمتكلم إن لم يصدق الا إن وافق الصدق هواه فهو كاذب لا محالة بل مخادع ومنافق أيضا .
كذبوا علينا حين قالوا أننا متدينين وملتزمين وما أن يدعو داع الجهاد سنهب هبة رجل واحد . ولكن داع الجهاد ينادي منذ أن أصبحت الأندلس اسبانيا ولم نهب إلا على أنفسنا .
 !! ( .وكذبنا نحن حين صدقنا أننا ناجون وأننا مسلمون نصلي ونصوم وكفى . ولم يعلمونا قوله صلى الله عليه وسلم لبشير بن الخصاصية رضي الله عنه (لا جهاد ولا صدقة فبما تدخل الجنة إذن 
ولم نكذب فقط بل استمتعنا بالكذب وأقنعنا أنفسنا أنه صواب وكل هذا لكي ننام في حضن زوجة وظل أبناء وفناء بيت .
بل وفرحنا وطرنا فرحا بأن خرج من بني جلدتنا من يقول أن الغناء حلال وأن فيه خلافا ولا انكار في مواضع الاجتهاد , فطربنا به وانتشينا أنغاما وتراقصنا سكارى على إيقاعاته .
أتعلم أننا حين تَعْرِضُ لنا مسألة ما وهي حرام ونحن نعلم أنها حرام ولكننا نريدها , نذهب لشيخ ونسأله فإن قال حرام تركنا قوله وذهبنا لغيره وهكذا حتى نجد من يقول هي حلال أو أنها مختلف فيها لكي نفعل ما نريد , فالعامي له حق التقليد وليس له اجتهاد !!! هكذا علمونا .
يا صديقي أنا لم أنم بعد منذ ثمانٍ وأربعين ساعة فأخرجت لك كلاما لا أعلم كيف ترتيبه ولا سياقه ولكن خرج من غِلٍّ وحقدٍّ أسكرا قلبي حد الثمالة فصار اللسان يغترف علقما ليطوف به على أسماع النائمين علَّهم يعلمون أننا نعلم أننا كاذبين ولكننا نستمتع بخداع أنفسنا .
يا صديق لا تلمني فإنِّي أرى الموت قد أطال السفر وأرى البغي قد انتشر وابن الزنيم قد فَجَرْ والحرُّ في دنيا العبيد يُحتَضَر واللسان قد انشطر والقلب قد انفطر والموت قاب قوسين ينتظر .
ولم أزل بعد لم أدر في أي النصفين أنا هل ممن لديه ما يقوله ولا يستطيع خوفا من الخطر ؟
أم ممن ليس لديهم قول معتبر ؟
.
.دعني أنَمْ يا صديق فقد أرهقتني سألتزم الصمت الآن وإن كان قاتلا إلا أن البوح فتَّاك.

إعادة هيكلة داروينيه




ربما لا تكفي السطور والكلمات للبوح أحيانا , فنختار الصمت يا صديق
هكذا هي حكايات الحياة تمر علينا لحظة بلحظة ومرة تتلوها مرة لتخبرنا بكم دناءتنا وكم أنانيتنا حين تركنا العنان لأنفسنا لتختار ما تريد دون النظر في العواقب والمزيد . لا ننظر في تلك اللحظات الى ما يصيب الآخر بل نهتم فقط بانفسنا وكأننا فعلا أناس من حديد . هو هكذا يا صديق فلا تغتر فما نحن الا حطام يدمر نفسه بنفسه 

أتعلم يا صديق , إن نظرية داروين كانت مخطئة ولكنها لو عُكِسَتْ لأصبحت واقعا حقيقيا , نعم لا تتعجب فإن الله خلق الانسان من طين فلا مجال لأن يكون أصل الانسان حيوان ... هذا مستحيل , ولكن بكل سهولة يمكن لهذا الانسان أن يتحول لحيوان .

لا أدري كيف غابت تلك عن داروين ولكن لا بأس فما هو الا كافر كاذب , لأن الواقع يكذبه . ولكن ما نشهده دوما حولنا يؤكد امكانية تحول الانسان الى حيوان بشرط واحد , أن يفكر في نفسه دون غيره فقط . فهذا هو بالضبط معنى الحيوانية .

أأخبرك شيئا ؟؟!
أراك تهز برأسك وتصغي بشكل جيد مما يعني أنك تريد المزيد .... حسنا سأخبرك شيئا .

من عادتي أنني حين يَدْلَهِّمُ المساء ويختلي كل حبيب بحبيبه يناجيه أذهب خلسة الى المطبخ فأحضر كوبا من القهوة ثم أسرق شيئا من الشوكلاه التي تخبئها اختي _ مع أنني لا أحب الشوكلاه ولكن شكلها بجانب كوب القهوة يفتح باب الفكر لدي _ ثم أغلق باب غرفتي لكي لا تراني أمي سَاهِراُ ليلا حتى لا يقع الصدام خوفا على الصحه ... ما أستغربه حقا هو الخوف على الصحة !!!

أرى أن استغرابك يزداد , تمهل يا صديق واستمع لسبب .

نعم أستغرب بحق الخوف على الصحة لأننا نخشى على صحة البدن ولكننا لا نهتم أبدا بفحص أنفسنا هل نحن لا نزال بشر أم أننا دخلنا طور التحول الى حيوانات ؟!
لن أعطي اجابة هنا لأنني لو أجبت لجزمت أن أكثر من ثلاث أرباع هذا العالم حيوانات ولكني لا أريد أن أخسر قرائي حتى لا يظنوا أنني أشتمهم ... يا الهي أرأيت ها أنا أيضا قد دخلت الطور ذاته !
نعم لا تنظر إليَّ هكذا ... ارجع الى السطر الأول اقرأه جيدا .
قرأته ؟! 
حسنا أرأيت كلمة ( أنانيتنا ) ؟! هي ذاتها ما استخدمته انا هنا حين بحثت عن جذب القراء لي وعدم خسارتهم . هي ذاتها ما استخدمته انا لكي أخفي عليهم أنه ربما يكون من ضمنهم من هو كذلك , خشية أن أخسره ...
أتدري .. ؟!
أخشى أن أكمل الحديث معك فأخسر المزيد من القراء , لذا سأكتفي بهذا وأدع اكتشاف ما نقوم به ونفعله يوميا لك أنت .
دمتم بخير يا صديق .